كتابة المصاحف في الأندلس

 د. سهى بعيون

1 / 6/ 2017

"كتابة المصاحف في الأندلس" عنوان الدراسة التي أعدتها الدكتورة سهى بعيون ونشرت حديثاً في مجلة "البحوث والدراسات القرآنية" العدد السابع – السنة الرابعة إصدار خاص بمناسبة ملتقى مجمّع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.

تتناول هذه الدراسة بداية نشأة وتطوّر الخط الأندلسي. عن رحلة الخط العربي عبر التاريخ، وكيف وصل إلى الأندلس، حيث كانت القيروان المحطة الأولى التي انطلق منها الحرف العربي إلى بقية أقطار الشمال الإفريقي والأندلس وغرب إفريقيا.

الخط الأندلسي مشتق من الخط الكوفي، وكان يسمى الخط القيرواني نسبة إلى القيروان إحدى مراكز بلاد المغرب العربي، ونجده في نسخ القرآن المكتوبة في الأندلس وشمال إفريقيا.

نما الخط في الأندلس وتطوّر وقد وصلتنا نماذج تؤكد وتدل على ذلك، وتاريخها يعود للقرن الرابع الهجري ونحن نعلم أيضاً أن العلوم القرآنية في القرن الخامس قد بلغت مبلغاً عظيماً من التقدّم، فقد ترك أبو عمرو الداني - المتوفى سنة أربع وأربعين وأربعمائة هجرية - كتباً قيّمة عن نقط المصاحف وقراءاتها.

كما تتناول خصائص الخط الأندلسي. فالخط الأندلسي يحتفظ ببعض خصائص الخط الكوفي. لقد مال الخط الكوفي البديع القيرواني إلى الليونة في الأندلس وأصبح خط الأندلس هو القدوة للمغرب. كانت مصاحف الأندلس تميل نحو اللين في كتابتها اليابسة الكوفية مما أحدث طرازًا ونمطًا جديدًا في الخط العربي أطلق عليه اسم الخط الأندلسي.

وفي مصحف ابن غطوس نشاهد التطورات التي جرت في أحضان المصحف في بلاد الأندلس فمن اليبوسة إلى الليونة، ومن القيرواني البديع إلى الأندلسي البهي الجميل.

وتتناول هذه الدراسة اهتمام الأندلسيين بفن الخط، وبتجليد وزخرفة المصاحف.

اهتم الأندلسيون بالخط فكان الورّاقون يستأجرون الخطاطين الذين يختارون لون الحبر والمداد ونفائس القصب، لصناعة الأقلام وديباجة الكتاب وتزيين الحواشي بالتذهيب وفنون التجليد، ومنها تغليف الكتاب بالجلد السميك والنقش عليه. وكان الاهتمام بتجليد القرآن العظيم بالغاً وعظيماً. اهتم الأندلسيون بتجليد المصاحف وبزخرفتها وبترميمها وصيانتها وحفظها في محافظ جلدية وصناديق خشبية  أو فضية تكريمًا لها.

كما تلقي الضوء على أشهر الخطّاطين والخطّاطات الذين خطّوا المصحف الشريف في الأندلس.

ومن أشهر الخطاطين الذي كتبوا المصحف الشريف:

ابن غطوس (توفي سنة 610 ھ) من بلانسيا بالأندلس وخطاطها الشهير، كان وحيد عصره في كتابة المصاحف في الأندلس، فقد روي أنه كتب ألف مصحف وتعلم هذا الفن عن والده وأخيه الأكبر وعاهد الله ونفسه على ألا يكتب غير المصاحف، وكان يختلي في غرفته ولا يسمح لأحد بالدخول عليه، وقيل: إن مصحفه كان يباع بما يزيد على مائتي دينار.

كما لعبت النساء الأندلسيات دوراً مهماً في هذا الميدان. وكان في قرطبة وأرباضها المختلفة طائفة كبيرة من النساء البارعات في الخط وكن ينسخن المصاحف بخط بديع. وممن برعن من النساء في الخط عائشة بنت أحمد القرطبي (توفيت سنة 400ه‍)، فقد كانت حسنة الخط تكتب المصاحف والدفاتر.