الأندلس صفحة من تاريخنا جديرة بالتفكّر

د. سهى بعيون

1 / 2/ 2013

 تاريخ العرب في الأندلس في العلوم مشرق الصفحات وضّاء المعالم، وحسبنا أن نقرأ الكتب التي تتكلم عن تاريخ العرب في الأندلس فنرى ما يبهرنا، ويملأ نفوسنا إعجاباً وإكباراً لأولئك السابقين الذين نشروا في الخافقين ضياء العلم، فأحالوا ظلام الجهل نوراً ساطعاً وطاردوه حتى استسلم مدحوراً.

وتعترينا الدهشة حقاً عندما نلحظ ما أحرزه المفكرون العرب الأُوَل من تقدم، لا سيما عند «مقارنة» هذا التقدّم بحالة العرب بوجه عام في الوقت الحاضر.

 إنّ الحديث عن الأندلس وتاريخها يحمل في طياته الكثير من معاني الفخر والاعتزاز بأمجاد أولئك العرب الذين أرسوا في الأندلس دعائم وطيدة من الحضارة والتمدّن، وقواعد راسخة من المثل والأخلاق النبيلة. ويصاحب تلك المعاني المشرقة ألوان شتى من الأسى والألم على ضياع ذلك الفردوس العظيم.

فتح المسلمون الأندلس في رمضان، جاهدوا وهم صائمون وقضوا عيدهم يقاتلون، وأقاموا بعد ذلك مجتمع المحبة والعدالة التي أنتجت الحضارة والتراث الرفيع. أقاموا ذلك بالإسلام ويوم تركوه خرجوا من تلك الديار. دخلوا الأندلس بالإسلام وبدونه خرجوا. خضعت لهم الأندلس عندما كان إيمان‍هم قوياً متضامنين فيما بينهم، وعندما ضعف إيمان‍هم وشغلتهم الدنيا والترف، وتفككوا وضعفوا، وحاربوا بعضهم بعضاً، سقط منهم هذا المجد وهذا الكنز.

 

ونذكر هنا موقف آخر ملوك غرناطة وهو أبو عبد الله الصغير. فحين ترك غرناطة بعد سقوطها وقف في خارجها عند تلّ البَذول ليُلقي على غرناطة نظرة الوداع الباكية والحسرة الدامعة، وكانت معه أسرته فقالت له أمّه عائشة:

 

إبكِ مثلَ النساءِ مُلكاً مُضاعاً      لم تحافظ عليه مثلَ الرجالِ

 

إنّها صفحة من تاريخ ماضينا جديرة بالتفكّر، خليقة بالتذكّر..