تسوّق الحجّاج لوازمهم من المحلات التجارية في لبنان

تعدّ الهدايا أمراً أساسياً بالنسبة للحاج اللبناني، و يفتخر بها، وأحياناً كثيرة يكلف نفسه أكثر من قدرته.

إن موضوع الهدايا أصبح عُرفاً، مع أن الأصل فيه هو «بركة الأماكن المقدسة» التي قد تكون تمراً أو مسبحة، ولكنها تطوّرت مع الوقت وأصبح لها معاييرها وطقوسها الخاصة. وفي الفترة الأخيرة، أصبح المهنئون يقدّمون الهدايا للحجاج،  كما يحصل في أي واجب اجتماعي. يقدّمون للحاج الحلوى وكذلك الأواني المنزلية واللوحات التي تحمل آيات قرآنية، أو العباءات للنساء، ما يضطر الحاج إلى زيادة الهدايا تحسباً. وهذه العادة لم تكن في الماضي، وإن هذا يرهق الحجاج من ذوي الدخل المحدود، ماديّاً.

ولم تكن فكرة قيام الحجاج بشراﺀ هداياهم من لبنان رائجة منذ فترة، إذ كانوا يفضلون أن تحمل بصمات الديار المقدسة سواﺀ من مكة المكرمة أم المدينة المنورة وما بينهما، فيتكبدون مشقة حملها والانتقال بها من مكان الاقامة الــى الحافلات والمطار والطيران وصولاً الى المنازل في رحلة العودة.

ولكن في السنوات العشر الأخيرة ومع ازدهار ظاهرة الاستيراد باتت الهدايا ـ البضائع نفسها تصل الى الأسواق اللبنانية من المنشأ ذاته، لتملأ المحال التجارية التي تخصص البعض ببيعها فقط.

لم يكن الحجاج يتقبلون الفكرة في السابق، اليوم بات هناك إقبال على الشراﺀ قبيل موسم الحج بعدما اقتنعوا أن الأمر سيان هنا وفي السعودية. فأصبح معظم الحجاج في لبنان يقومون بشراء الهدايا وترتيبها قبل عودتهم، ليقدّمنوها هدايا رمزية لمن يزورهم ويباركوا "حجهم". فيما البعض الآخر ما زال يحافظ على تقليد الماضي ولا يلجأ الى هذه المحال إلا إذا وقع في "حرج" ولم يعد لديه ما يكفي من الهدايا ليقدمها.

ولقد أصبح معظم الحجاج يفضلون شراء الهدايا من لبنان، ليخففوا عن أنفسهم التعب والمشقة في حمل الهدايا والانتقال بها من مكان الى آخر وهي في الأصــل الشيﺀ ذاتــه لجهة الصناعة والجودة والاسعار. وفي الديار المقدسة يتفرغون للحج وللعبادة والصلاة والدعاﺀ، ويشترون ما نقص منهم ويعجبهم فقط.

فنجد كل الهدايا التي يحتاجها الحاج موجودة في هذه المحال التجارية. من مسابح على أنواعها، وعطور وسواك وبخور وسجادات صلاة، وثياب صلاة، وعباءات، وقبعات، وصولاً الى التمور على أنواعها، حتى ماﺀ زمزم أصبحت متوفرة في هذه المحال التجارية، بالإضافة إلى كل ما يحتاجه الحاج من هدايا.

وهذه البضائع أو الهدايا هي ذاتها التي تعرض في المملكة العربية السعودية فتباع بالأسعار نفسها تقريباً.

فلم يعد حجاج بيت الله الحرام يتكبدون مشقة حمل "هدايا الحج" كما كانوا يفعلون سابقاً، إذ باتت المحال التجارية الخاصة ببيع هذه الهدايا تنتشر فــي معظم المناطق اللبنانية.

وتجدر الاشارة الى أن نوعية هذه الهدايا تعكس المستوى المادي للعائلة ووضعها الاجتماعي، إذ درجت بعض العائلات على تقديم هدية تذكارية، تشبه في تصميمها تلك التي تقدم كذكرى للزواج او الولادة وترمز بأشكالها الى المناسبة، فتحتوي علبة الهدية على مصحف صغير أو تجسيم للكعبة الشريفة أو آية قرآنية مع الزينة المناسبة بألوانها. وهذه الهدية قد لا تقدّم الى جميع الزائرين، بل تخصص للمقربين من الأهل والأصحاب أو إلى من يقرن التهنئة بهدية قيّمة.

لقد ازداد التفنن بهذه الأشياء، طقوس تبدأ بالبذخ في الهدايا، عادات مبالغ فيها أحياناً لم تكن موجودة في الماضي.

د. سهى بعيون