دور الفئات المثقفة والمفكرة في الصحوة الإسلامية

 كان لرواد الإصلاح على امتداد عالمنا الاسلامي رؤيتهم في إصلاح مجتمعاتهم ونهضتها مستمدة من الإسلام، خاصة في دعوته للاعتبار بسنن الأمم السابقة في رقيها وانحطاطها وهلاكها، بالإضافة إلى فقههم لواقع مجتمعاتهم الاسلامية فتعددت آليات الانطلاق لديهم للخروج بأمتهم من أزمتها الحضارية.

ولقد اعتبر رواد الإصلاح أنّ العامل الأخلاقي أساس لقيام الحضارة الاسلامية المنشودة وبه سوف ننقذ مجتمعاتنا.

واجب العلماء المفكرين الإسلاميين في الأمة الإسلامية تجاه الصحوة الإسلامية في هذا العصر أن ينصحوا المسلمين، وأن يجتهدوا في إرشادهم إلى أسباب النجاة. وأن يذكِّروهم بما حذرهم منه سبحانه وتعالى، وبما حذرهم منه رسولهم صلى الله عليه وسلم.

وليس هناك سبيل إلى انتصارهم على عدوهم، واستعادة أمجادهم الغابرة، وعزهم السليب، إلا بهذا السبيل، وهذا الطريق وهو الاعتصام بحبل الله جميعاً، والتعاون على البر والتقوى، والتكاتف ضد الباطل وأهله، والاستنصار بالله، والتمسك بالدين، واسترداد الحقوق السليبة، والأمجاد الغابرة التي أخذها الأعداء، لتفرقنا وتفريطنا، وعصياننا وتخاذلنا.

الواجب على المفكرين الإسلاميين والكتّاب والباحثين في هذا العصر التركيز في كتاباتهم على أسباب تفرقنا، وإظهار الخطر الذي يهددنا. والاهتمام بشريحة الشباب والتي تمثل أهم شريحة في المجتمع. والتركيز على المخاطر التي تهدد جيل الشباب المسلم، ومن هذه المخاطر انسياق الشباب المسلم وراء زخرف الحضارة الغربية منبهراً بأضوائها. وإلقاء الضوء على الجانب التربوي، والإشارة إلى كل من يقصر في هذا الدور التربوي. وعقد مؤتمرات وندوات علمية تخصّ هذا الجانب وتخدم هذا المجال. فإنّ شقاء وسعادة الشعب بيد الطبقة المثقفة، إذ ينبغي على هؤلاء أن يبذلوا جهدهم في سبيل تهذيب أنفسهم والتأثير لجهة تربية وتهذيب نفوس الآخرين، بالأخص فئة الشباب.

تتحمل الفئات المثقفة والمفكرة مسؤولية الهداية، كما يتحمل ذلك العلماء. لأنهم يمتلكون مقومات أكثر، فالجامعي الذي يدرس ويفكر، يمكنه أن يفهم ويحكم ويهدي ويوجّه، ويستشرف المستقبل، ويحذّر عامة الناس من الوقوع في الشبهات والأخطاء.

د. سهى بعيون