يا ساريةُ الجبل
عن عمرو بن الحارث، قال:
بينما عمر بن الخطَّاب على المنبر يخطُب يوم الجمعة إذ ترك الخُطبة، فقال:
يا سارية الجبلَ ـ مرتين أو ثلاثاًـ .
ثم أقبل على خُطبته، فقال بعض الحاضرين:
لقد جُنّ، إنَّه لمجنون.
فدخل عليه عبد الرحمن بن عوف، وكان يطمئنُّ إليه، فقال:
لشدَّ ما ألومهم عليك، إنّك لتجعل لهم على نفسك مقالاً، بينما أنت تخطب إذ أنت تصيح: يا ساريةُ الجبل، أيُّ شيء هذا؟!
قال: إنِّي، والله، ما ملكت ذلك، رأيتهم يقاتلون عند جبل يؤتَون من بين أيديهم ومن خلفهم، فلم أملك أن قلت: يا ساريةُ الجبلَ، ليلحقوا بالجبل. فلبثوا إلى أن جاء رسول ساريةَ بكتابه:
إنَّ القوم لقُونا يوم الجمعة، فقتلناهم حتى إذا حضرت الجمعة، ودار حاجب الشمس، سمعنا منادياً ينادي: يا ساريةُ الجبل ـ مرَّتين ـ فلحقنا بالجبل، فلم نزل قاهرين لعدوِّنا حتى هزمهم الله تعالى، وقتلهم.
فقال أولئك الذين طعنوا عليه:
دَعُوا هذا الرجل فإنَّه مصنوع له.
د. سهى بعيون