علم علي بن أبي طالب رضي الله عنه

 
كان علي بن أبي طالب أعلم أهل المدينة بالفرائض، وقد اشتهر بتضلّعه في هذه المعرفة. وكان من أقضى أهل زمانه وأعلمهم بالفقه وأجدرهم على استنباط الأحكام الشرعيّة من القرآن والسنّة والعرف.
 
أخرج الحاكم في المستدرك عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا مدينة العلم وعلي بابُها فمن أراد المدينة فليأتِ الباب» (الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين في الحديث، كتاب معرفة الصحابة، ج 3، ص 127).
 
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب)).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنّه قال: ((والله لقد أعطي تسعة أعشار العلم، وأيم الله لقد شارككم في العشر العاشر)).
 
وعنه وقد سأله الناس فقالوا: أي رجل كان علياً؟ قال: كان مملئاً جوفه حكماً وعلماً وبأساً ونجدة مع قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
 
وقال مسروق: انتهى علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر، وعلي، وابن مسعود، وعبد الله رضي الله عنهم.
وقال عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة: كان لعلي ما شئت من ضرس قاطع في العلم، وكان له بسطة في العشيرة، والقدم في الإسلام، والعهد برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والفقه في السنّة، والنجدة في الحرب، والجود في المال.
 
وروي أنّ عمر أراد رجم المرأة التي ولدت لستة أشهر، فقال له علي: إنّ الله تعالى يقول: ﴿وحَمْلُهُ وفِصالُهُ ثلاثونَ شَهْراً(سورة: الأحقاق، آية: 15 ) ، وقال تعالى: ﴿وفِصالُهُ في عامَيْنِ(سورة: لقمان، آية: 14) فالحمل ستة
أشهر والفصال في عامين. فترك عمر رجمها وقال: لولا علي لهلك عمر.
 
وقال هشام بن حسان: بينما نحن عند الحسن البصري إذ أقبل رجل من الأزارقة فقال: يا أبا سعيد ما تقول في عليّ بن أبي طالب؟ قال: فاحمرت وجنتا الحسن وقال: رحم الله عليّاً، إنّ عليّاً كان سهماً لله صائباً في أعدائه، وكان في محلة العلم أشرفها وأقرب‍ها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رهباني هذه الأمّة، لم يكن لمال الله بالسروقة، ولا في أمر الله بالنومة، أعطى القرآن عزائمه وعمله وعلمه، فكان في رياض مونقة، وأعلام بينة، ذاك علي بن أبي طالب يا لكع.
 
ثم ننوّه بأنّ الإمام عليّاً يعتبر العلم من متممات العبادة، لا بل أفضل منها. إذ يقول: ((عالم أفضل من عابد، العالم يستنقذ عباد الله من الضلال إلى الهدى. والعابد يوشك أن يقدح الشك في قلبه. فإذا هو في وادي الهلكات)).
وكذلك رويت عن علي أقوال ومواعظ كثيرة في الحض على العلم وعلى تكريم العلماء.
 
من كلامه في الحث على العلم:
عن علي بن أبي طالب أنّه قال: ((تعلّموا العلم تعرفوا به، واعملوا تكونوا من أهله، فإنّه يأتي من بعدكم زمان يُنكر فيه من الحق تسعة أعشاره ، وإنّه لا ينجو منه إلاّ كل أوّاب منيب، أولئك أئمة الهدى ومصابيح العلم )).
وكذلك اشتهر علي بإتقانه اللغة والبلاغة والخطابة. فقد ثبت، في القول المشهور، أنّ كتاب ((نَهج البلاغة)) يحوي مجموعة من خطبه ومواعظه وأقواله. جمعها الشريف الرضي أبو الحسن محمد بن الحسين الموسوي، في القرن الرابع الهجري، أو العاشر الميلادي.
قال المسعودي: والذي حفظ الناس عنه من خطبه في سائر مقاماته أربعمائة خطبة ونيف وثمانون خطبة يوردها على البديهة؛ وتداول الناس ذلك عنه قولاً وعملاً.
 
د. سهى بعيون